وضعت دميتها جانباُ واقتربت مني والفضول تقرأه في محياها الصغير الجميل ....
فاجأتني بسلسة من الأسئلة وإصرارها يصد رفضي على الإجابة ....
تركت ريشتي والواني و أوليتها ما تريد من اهتمامي ... وقلب قد اشتدا خفقانه خوفاً من أن اعجز في إجاباتي أمام هذا الملاك ...
قالت طفلتي أنضري إلي وكفي اختباء ولا تقولي طفلة صغيرة عابثة تسألني لما ليس لها بيه شأن ....
آه صديقتي الكبيرة المكتملة أنوثتها ... سحرً غريب تنطق بيه عيونك كلما سألتك عن الحب .... لا تقولي ليس لي شأن وأنا من حرك فيك شعور لم يدفن بعد ....
هيا أجيبي فعيب عليك من طفلة تخجلين عن أسئلتها تعجزين بالإجابة وعن لومها وعقابها لا تملين ..
فما رأيك نجعلها لعبة السؤال والجواب أنا اسأل و هلمي أنت بالجواب ....
رضخت أمام إلحاح تلك العابثة وبدأت اللعبة وقلبي كان أكثر مني فرحاُ ... عما كانت تسألني عنه وتملأه طرباً ....
س.... ما هو الحب ؟
ج....الحب هو النبع العذب الذي كلما شربت منه زدت عطشاً ولن ترتوي حتى تأتيك قطرات سكرة الموت حينها منه تكتفين وتدعينه لشأنه يسري عبر جداوله ليشرب منه غيرك ... !
س... هل تحبين الحب ؟
ج...... أحببت الحب منذ كنت مثلك وانتظرته ومازلت وسأظل أتقن فنون الأنظار ..!
س.... هل ستتزوجين الحب ؟
ج...... سأتزوج الحب وأنت والجميع لدينا موعد معه فهو العنصر الثالث المكمل لعنصرين متحدين الروح ...!
س....وكيف شكله ؟
ج.... له من الأشكال مالا يكفني ويكفيك من العمر لأصفه ، ولكن قد اختصر لكي بعضاً من أشكاله ، فهوا بهي الطلعة جميل المحياة قوي الوجود شامخ ذو خلود يستمد جماله وأشكاله مني ومنك ومن كل محبيه ومن الطبيعة ومعالمها اللا محدودة حتى الموت يصبح جميلاً بوجود الحب ...!
س.... لماذا أسمه الحب ولما لا يكون له اسم كاسم أبي ؟
ج..... لكي حبيبتي مطلق الحرية لتسميته ما شئت من الأسماء فمنذ العصور الأزمان أطقن الناس تسميته بشتا الأسماء ولكنها تضل مجرد رموز تحمل ذات المعنى المتأصلة في كيانه وهو ( الحب )...!
س..... هل تستطيعين اللعب معه ؟
ج.....له طرقه الفريدة للعب معنا والترفيه عنا ولن يخرج عن إطار الحب ويجذب محبيه دائماً لاستكمال اللعب ، حتى بعذاباته تصبح اللعبة جميلة ...!
س......هل تلعبين معه الغميضة ؟
ج.....قد اختبئ خوفاً من مجهولة أو خجلاً من سطوته ، لكنه متمكن ومتمرس وله طرقه للبحث والاستكشاف ويكره الاختباء ، فالوضوح والصراحة عرف بها منذ ابد الدهر ... والاختباء عن الانضار ليست من شيمته ...!
س.... هل هو صديق ؟
ج..... كان وسيضل هو الصديق الذي يملك مفاتيح أبواب قلبي ... و قلوب ملايين البشر ...له مفاتيح من الذهب ومعطرة بعطر الورود وكأنها صنعتها أيدي حداد ساحر مخصوصة لتكون في يدين صديقي ...!!
س.... أين يقيم ؟
ج.... يقيم في جميع الأوطان والقارات وحينا البسيط وعلى شواطئ البحر تجدينه وفي مدينتي ومدينتك دائم الإقامة وأفضل أماكن إقامته أحضان الطبيعة وقلوب المحبين....!
س..... أين يسكن لاشك انه يعيش القصور ؟
ج..... يسكن في قلبي وقلبك وقلب حبيبي الغائب وقلب من هم حول و حولك انظري وتمعني وافترسي الأنظار والعيون ستجدين قصوراً مشيدا يسكن داخلها ....!
س..... هل هو يعمل ؟
ج...... انه مجد في العمل يعطي ولا يأخذ المقابل بل ويكتفي وتنعشه السعادة في عيون الأحباء ...!
س..... هل يبكي مثلنا ؟
ج...... هو من له فنون في البكاء يستمد حيويته من بكائنا فرحاً بيه وقد يبتعد قليلا عنا لنبكيه ويبكينا ثم يأتينا ليرتشف دمعنا ويهدينا زهور السعادة ....!
س...... هل يأكل ويشرب مثلنا ؟
ج..... كفاه أن نأكل زاد محبة أحبتنا ويشرب من مياه دموعنا و يشبع من فرح الأحباب في لحظات اللقاء ...!
س..... أين هو لما لا أراه ؟
ج...... انه مع حبيبي المنتظر وسيأتي يوماُ وترينه بدورك وبعين غير عيني فهوا ينتظر حتى تكتمل وتنضح الثمرة الموجودة في صدرك الصغير ...!
س.... هل تستطعين أن ترينه ؟
ج..... أراه في حديقتي وقرب نافذتي وانعكاسه صورته على ضوء القمر أره يعبث بضوء شمعتي وفي صوتك وصوت أحبائي أراه قريب رغم انه لم يصل من رحلته بعد أراه في قلمي وريشتي وسطوري أراه في صديقتي واعز الأصدقاء أراه قد أهدته لي أمي واعده لي أبي أراه في خوف أخي علي وارتباط أختي بي أراه بوجودي في الحياة ...!
ونضرت إلى صغيرتي وقد غفت واحتضنت دميتها الصغيرة بمحبة وتحركت مقلتها بأحلام المستقبل وتوسدت قدمي وتشبثت بثوبي وابتسامة الآمل على شفتيه رسمت وعدت ارسم تلك اللوحة عن طفلة تحتضن حب المستقبل ...